في هذا الزمن الذي تزداد فيه المصاعب والأزمات، يبحث كثير من الناس عن طرق لزيادة الرزق والبركة في تجاراتهم ومشاريعهم، فهل هناك أسرار شرعية تفتح لهم أبواب الخير والرزق؟ وما هي الأعمال التي يحبها الله ورسوله وتجلب لك الرزق والبركة في تجارتك؟ وكيف نطبقها في حياتنا العملية والشخصية؟ هذه بعض الأسئلة التي سنحاول الإجابة عليها في هذا المقال.
فمن كان يريد تحصيل الرزق وزيادة البركة فيه فعليه بالرجوع إلى الله سبحانه ومناجاته والاعتماد والتوكل عليه، فهو القادر على كل شيء ((وعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيْبِ))، وإذا أعطى عباده أدهشهم بعطائه، وهو الفعّال لما يريد، وهو القاهر فوق عباده، فمن رضي بما قسم الله له كان له الرضا.
والبركة هي عطاء من الله تعالى تتجلى في الزيادة والنماء، وهي منحة إلهية لا تقاس بالأسباب بالمادية والقدرات البشرية، وإنما هي من المدد الإلهي، قال تعالى: ﴿كُلࣰّا نُّمِدُّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ وَهَـٰۤؤُلَاۤءِ مِنۡ عَطَاۤءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَاۤءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا﴾ [الإسراء ٢٠].وإذا بارك الله في المال نمّاه.
فإذا كنت تعمل في التجارة أو تدير مشروعًا خاصًا بك، فمن المهم جدًا أن تتعلم كيفية فتح أبواب الرزق والبركة في عملك، والرزق والبركة يمثلان عنصرين حاسمين لضمان نجاحك واستدامة عملك على المدى الطويل.
تعتبر تقوى الله تبارك وتعالى أحد أسباب وفرة الرزق وبركته، فقد وعد الله بها في كتابه الكريم، قال الله تعالى: “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ” (الطلاق: 2-3) ، وقال أيضًا: ﴿وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰۤ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوۡا۟ لَفَتَحۡنَا عَلَیۡهِم بَرَكَـٰتࣲ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ ﴾ [الأعراف ٩٦]
وتحقيق تقوى الله عن طريق العمل بما أمر به وترك ما نهى عنه بوجود التقوى .
اقرأ المزيد: زكاة التجارة: مفهومها وأحكامها وكيفية حسابها| دليل شامل
فعندما يتق الإنسان ربّه تتلاشى همومه وتنفرج كروبه، ويتسع رزقه ويبارك له فيه.
إن الإنسان بطبيعته ضعيف، كما أشار الله تعالى عنه قائلاً: “وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا” (النساء: 28). ولا يمكنه الابتعاد عن القصور والعصيان والتجاوزات، وقد يترك ما أمر به ويقترف ما نهى عنه، ومن أخطار الذنوب أنها تعد من الأسباب التي تحرم الإنسان من الرزق وتحرمه من البركة في حياته، وفي هذا السياق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ”.
لذلك، تعتبر التوبة والاستغفار من أهم الأسباب التي تعين الإنسان على التخلص من آثار الذنوب، والتوبة تعني الرجوع، والاستغفار يعني طلب المغفرة من الله، وعندما يتوب الإنسان ويستغفر الله تفتح له أبواب الرحمة والمغفرة، ويُزيل عنه الحرمان ويبارك له رزقه، وبالتالي تتحقق الاستقامة والسعادة في الحياة.
فقد جاء رجل إلى الإمام الحسن البصري يشكو إليه الجدب، فقال له: استغفر الله، وجاء آخر يشكو الفقر، فقال له: استغفر، وقال رجل آخر: ادع الله لي أن يرزقني الولد، فقال له: استغفر الله، وجاءه رجل آخر يشكو جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله، فقال له أحد الجالسين: أتاك رجال يشكون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار، فقال: ما قلتُ من عندي شيئًا، إن الله تعالى يقول في سورة نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً}.
لذا، يجب على الإنسان أن يكون مستعدًا للتوبة والاستغفار باستمرار، ليحافظ على رضا الله ويتجنب المعاصي وآثارها السلبية، ومن الرحمة الإلهية أن الله يقبل التوبة والاستغفار، ويغفر الذنوب لعباده.
إن الله تعالى هو المنعم على الإنسان بجميع نعمه التي لا تحصى ولا تعد، فهو الذي خلق له الكون كله وأخضعه لخدمته، وأعطاه ما يحتاجه من أسباب ووسائل لتحقيق مصالحه في حياته، قال الله تعالى: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 13].
ولذلك فإن على الإنسان أن يشكر ربه على هذه النعم العظيمة، وأن يحمده على فضله الجزيل، وأن يتوب إليه من ذنوبه ومعاصيه، وأن يثبت على طاعته وإخلاصه، فبذلك يكون عبدًا شاكرًا مؤمنًا، يستحق أن يزاد من نعم ربه، وأن يدخل جنات عدن، قال الله تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152].
فالشكر لله سبب لزيادة الخيرات والبركات، كما قال الله تعالى: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]. والشكر لله سبيل لدفع الشرور والبلايا، كما قال الله تعالى: ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾ [النساء: 147]. والشكر لله دليل على حبه وقربه من عباده، كما قال الله تعالى: ﴿ إِن تُحِبُّوا اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ ﴾ [آل عمران: 31].
ولقد كانت نماذج الشكر في حياتنا هم الأنبياء والصديقون، فقد شكروا ربهم في كل حال، سواء في رخاء أو في شدة، أو في سراء أو في ضراء، قال الله تعالى في نوح عليه السلام: ﴿ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ﴾ [الإسراء: 3]. وقال في إبراهيم عليه السلام: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ ﴾ [النحل: 120، 121]. وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أشكر الخلق لربه، فقد كان يقوم في الليل حتى تتورم قدماه، ويقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا.
فلنتعلم من هؤلاء الأسوة الحسنة كيف نشكر ربنا على نعمه، ونحمده على فضله، ونستعين به في كل أمورنا، ونستغفره من كل ذنوبنا. فإن الشكر لله يجعل الحياة أجمل وأسعد، ويجعل القلب أطهر وأنقى، ويجعل الروح أقوى وأشد، فالحمد لله رب العالمين.
ويجب على كل إنسان أن يشكر الله تعالى في كل أحواله، وإذا أنعم الله عليه ومدّه بالنعم والأموال فإنه حري به أن يشكر الله، لينال الرزق والبركة.
والشكر هو: أن تنسب النعمة إلى المنعم جلّ جلاله، وأن تتبرأ من حولك وقوتك إلى حول الله وقوة الله، وأن تشعر حقيقة أنّ هذه النعم من الله تعالى.
هو من أجلّ الأعمال وأفضلها، وهو ما يهبه المسلم من ماله أو عمله لمن يستحقه من أجل الطاعة لله والرجاء في ثوابه ومغفرته، وهو من أسباب كثرة الرزق والبركة فيه، وكثير من الناس يخشون الصدقة والإنفاق خوفاً من الفقر والذلة، مع أن الله تعالى قد حثنا على الإنفاق في سبيل الله بالآيات الكثيرة، ومن ذلك:
والأحاديث النبوية التي تحث المؤمنين على الصدقة والإنفاق في سبيل كثيرة أيضاً، ومن ذلك:
قول النبي صلى الله عليه وسلم: “قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم، أنفق أنفق عليك” رواه مسلم، وقوله أيضاً: “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفًا” رواه البخاري ومسلم.
وغير ذلك من الآيات والأحاديث التي تحث على الصدقة والإنفاق في أبواب الخير، وتؤكد على أن الله سيخلف على من أنفق.
فيجب على كل تاجر أن يخصص جزءاً من تجارته وأرباحه لينفقها في أبواب الخير، وأن يجعلها حصة خالصة لوجه الله تعالى، وهذه هي التجارة الرابحة التي لا تبور، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ سورة فاطر 29.
من أجل زيادة الرزق والبركة من الله، يوجد عدة أنواع مختلفة للإنفاق وتشمل هذه:
تعرف على أبرز فوائد التجارة الإلكترونية
باختصار الإنفاق في سبيل الله سبب لزيادة الرزق والبركة، وهو فرض ديني وأسلوب حياة إسلامي يعزز البركة والاستقرار المادي والروحي، ويعتبر فرصة لتعزيز التوازن في حياتك وتقديم المساعدة للآخرين بطرق مختلفة.
فالإحسان إلى المستضعفين من المؤمنين هو من الموجبات لرزق الله ، وذلك ما أوضحه النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث مصعب بن سعد رضي الله عنه، حيث رأى سعد أن له فضلاً على غيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إلَّا بضُعَفَائِكُمْ” رواه البخاري. وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ابغوني الضُّعفاءَ، فإنَّما تُرزَقونَ وتُنصَرونَ بضُعفائِكُم.
فالإحسان إلى الضعفاء من الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الرزق والبركة في التجارة ونماء الأموال.
تعرف على: أسباب تساعدك على زيادة ثقة عملائك
فهذه بعض الأسباب الشرعية التي تفتح أبواب الرزق والبركة في تجارتنا ومشاريعنا، وهي مأخوذة من الكتاب والسنة، وقد ثبتت صحتها وفعاليتها بالنصوص والتجارب، فلنحرص على تطبيقها في حياتنا العملية والشخصية، ولنستعن بالله على ذلك، فإنه هو الموفق والمعين، ولنذكر أن الرزق ليس مقصوراً على المال فقط، بل يشمل كل ما ينفع الإنسان في دينه ودنياه، كالصحة والعافية والأولاد الصالحين والعلم النافع والأخلاق الحميدة، فلنسأل الله أن يرزقنا من فضله رزقا حلالاً طيباً مباركاً فيه، وأن يجعلنا من الشاكرين لنعمه، والمستغفرين لذنوبنا، والمتوكلين عليه في جميع أمورنا. إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
https://dorar.net/hadith/sharh/63158
مختص بالتجارة الإلكترونية، صناعة المنتجات و ريادة الأعمال، تواصل معي ان احتجت لأي مساعدة! #AskWaleed